سمر:
حينما اختطفك الغياب كانت دمشق تئن بالصراخ لصوت جديد، لصوت يكسر عتبة مقدسة من قلاعهم.
لقد كنتُ حينها في دمشق أتلمس طريقاً مجهولاً لا أعلم من سماته سوى “الخروج”.
حينها، وفي ذلك العام 2013، تبادر وسط ازدحام الصراخ وسيل الدماء، خبران: أحدهما يقول باعتقال اختي ميسا على أيادي حراس من هددوا بإحراق البلد، والثاني يعلن اختطاف الغياب لأختي الأخرى على أيادي حراس كانوا قد هددوا أنهم سيحرقون من هدد بإحراق البلد.
وها هما الإثنان تبادلا مهمة الإحراق. اختطاف واعتقال.
حينها شاعت الأخبار والأقاويل التي تقول أن هذين الحدثين لأختين من نفس العائلة يرسمان صورة تحكي حقيقة قصة هذا البلد. أما ميسا فقد كتب لها التحرر بأحرف وضعتها في فرنسا،
وأما أنت يا سمر فما زلنا بعد هذه السنين الطويلة ننتظر من الغياب أن يكتب لك أحرفاً تنصف وجودك الحر.
ليس هذا الغياب يا سمر سوى الخروج الآخر، مطعّم هذه المرة بألوان السواد التي أخبرتيني عنها يوماً بأنها بدأت تغزوا محيطك الحلبي.
وها هي نفسها هذه الألوان، التي بشروا بعبادتها، قد أجبرتك على الخروج الكبير. مفردة “الخروج” يا سمر تحمل أثقالاً تاريخية كبيرة، ارتبطت أياماً ما بأقوام ولدوا وعاشوا في الخروج، عنونوا كتاباً من كتبهم المقدسة بمفردة الخروج.
أما اليوم فإنه غزا الوطن الذي حلمت يوماً ما بانعتاقه. لقد اختطف الآلاف، وها هو هذا الخروج نفسه قد اختطفك يا سمر وجرح قلوباً كثيرة ما زال الأمل يغلفها بانتظار سماع علوّ صوتك الذي كان بيتك ممتلأ به مع أمي ومالكة السنابل، رشا.
ليس لي يا سمر أن أكتب سوى التعبير عن أملي الكبير بقرب انتهاء هذا الخروج الكبير. التحرر من قيود السواد الذي اختطف شبابك وزرعك بأحرف المنفى، والذي لا نعلم عنه أية هوية عنه إلى الآن.
الأمل بعودتك
والحب لك يا سمر…
حمّود حمّود